وبعيدا عن الدخول في معمعة نظريات أخرى لتفسير كنه الموهبة أجد من
الأجدر الإشارة إلى أن الاتجاهات الحديثة في مجال الموهبة والتفوق العقلي تتجه نحو
لفت انتباه المربين إلى أن معظم التلاميذ لديهم مهارة ونبوغ في أحد المجالات
المهمة التي تحتاجها البشرية. وقد برزت خلال العشر السنوات الأخيرة نظرية قاردنر
(Gardner, 1997) التي تعد من أكبر
صيحات التربية الحديثة فيما يتعلق بالذكاء والموهبة. أطلق على هذه النظرية اسم
الذكاء المتعدد (Multiple Intelligences). هذه النظرية خرجت إلى الوجود نتيجة لأبحاث متعمقة في مجال العقل
البشري الطبي والنظري. هذه النظرية تفترض أن هناك سبعة أضرب من الذكاء (أضاف
قاردنر مؤخرا واحد لتصبح ثمانية إلا أن هذه لم تخضع بعد إلى التجريب الدقيق). من
الممكن لأي فرد أن يكون صاحب موهبة في واحد أو أكثر من هذه الأنواع. فيما يلي
مختصر لهذه الأنواع السبعة:
1.
الذكاء اللغوي أو اللفظي Verbal-Linguistic Intelligence: يظهر هذا النوع من
الذكاء في القدرة على استخدام المفردات اللغوية في مواقف متعددة ولأهداف متنوعة.
ومن أمثلة هذا النوع من الذكاء قدرات: الاقناع، المناظرة، رواية القصص، إنشاء
الشعر، الكتابة. عادة ما تجد أن الأفراد المتميزين في هذا النوع من الذكاء يعشقون
اللعب بالمفردات على سبيل الدعابة كما أنهم متقنين في عمليات التشبيه والتمثيل
والتوصيف ويقضون أوقات طويلة في القراءة بلا ملل.
2.
الذكاء الرياضي المنطقي Logical-Mathematical Intelligence: هذا النوع من الذكاء
يعد أساسا للنبوغ في العلوم الطبيعية والرياضيات. الأفراد المتميزون في هذا المجال
عادة ما يركزون على المنطق، لديهم قدرة عالية في الوصول إلى المتناغمات، لديهم
قدرة على إيجاد العلاقة بين الأسباب والنتائج، لديهم قدرة ورغبة عارمة في تنفيذ
التجارب العملية. وعادة ما تجد أن الأفراد المتميزين في هذا النوع من الذكاء
يميلون إلى طرح التساؤلات والافتراضات ويعشقون وضعها تحت الاختبار.
3.
الذكاء الفضائي أو التصوريSpatial Intelligence : يتضمن هذا النوع قدرات غير عادية على تصوِّر المشاهد أو
الصور من خلال الحديث اللفظي أو الكتابي. الفرد هنا لديه القدرة على تحويل المكتوب
أو حتى المحسوس إنفعاليا إلى صورة مرئية. فهو قادر من خلال استخدام الخيال على صنع
أو إعادة تكوين وضع قائم. أوضح الأمثلة للمتميزين في هذا المجال: الرسامون،
المصورون، المهندسون، ومهندسو الديكور.
4.
الذكاء التناغمي Musical Intelligence: وتتضمن القدرة على التلحين والاحساس بالتناغم الصوتي. الفرد
القادر على تحويل الكلمات العابرة أو القصائد إلى أصوات متناغمة مع القدرة على
تمييز الجمال أو الخلل في ذلك، هو في الغالب يتمتع بذكاء موسيقي أو تناغمي. من
أمثلة الأفراد المتميزين في هذا المجال: القراء، المنشدون، والموسيقيون.
5.
الذكاء الجسدي أو الحركي Bodily-Kinesthetic Intelligence: وتتضمن القدرات
المتعلقة باستخدام الجسد بصورة فائقة للعادة. هذا النوع من الذكاء يتيح لصاحبه أن
يتحكم بنوع من السهولة والخِفّة بالمواد المحسوسة أو بحركات جسمه. ومن الأمثلة على
أصحاب هذا النوع من الذكاء: الرياضيون وأصحاب ألعاب خِفْة اليد.
6.
الذكاء الاجتماعي Interpersonal Intelligence: يتضمن هذا النوع من
الذكاء قدرات على فهم أطباع الآخرين النفسية والاجتماعية بل وحتى العقلية بحساسية
وشفافية. هذا النوع من الذكاء يتيح لصاحبه فرصة التعايش الجيد مع أصناف متعددة من
البشر. غالبا ما يكون الأفراد المتميزون بهذا النوع من الذكاء أفراد يألفون
ويُؤلفون، أفراد قادرون على التعامل مع ردات فعل المقابل ببراعة فائقة. من أمثلة
المتمتعين بهذا النوع من الذكاء: المدراء المتميزون، الأطباء النفسيون، والأفراد
ذوو القدرة على العمل الجماعي على وجه العموم.
7.
الذكاء النفسي الداخلي Intrapersonal Intelligence: وتتضمن القدرة على
فهم الإنسان نفسه من الناحية النفسية والانفعالية والعملية. أصحاب هذا النوع من
الذكاء غالبا ما يفضلون العمل منفردين كما أن لديهم ثقة كبيرة في قدراتهم على فهم
الأمور. تتيح هذه القدرة لصاحبها الاختيار المناسب لنوعية العمل والاتجاه الذي يتناسب
طبيعته النفسية والأهداف المناسبة له. أغلب من تم تصنيفهم في هذا النوع من الذكاء
هم من القادة العالميون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق